حلف شمال الأطلسي يعزز وسائل ردع روسيا بتمويل أمريكي جديد

يخطط حلف شمال الأطلسي مدعوما بزيادة في الإنفاق العسكري الأمريكي لأكبر تعزيزات عسكرية له في شرق أوروبا منذ الحرب الباردة لردع روسيا لكنه سيرفض مطالب بولندا بإقامة قواعد دائمة.

ويشعر الحلف بالقلق منذ سيطرة موسكو على شبه جزيرة القرم من أن موسكو تستطيع غزو بولندا أو دول البلطيق بسرعة ولهذا يريد أن يعزز الدفاعات على جانبه الشرقي دون استفزاز الكرملين من خلال نشر قوات كبيرة بصفة دائمة.

وسيبدأ وزراء دفاع الحلف الأسبوع المقبل وضع خطط لشبكة معقدة من المواقع الصغيرة في الشرق وقوات يتم تدويرها ومناورات حربية دورية ومعدات عسكرية مخزنة جاهزة لقوة للرد السريع. وتضم هذه القوة المؤلفة من 40 ألف فرد وحدات جوية وبحرية ووحدات عمليات خاصة.

وقال دبلوماسي كبير في الحلف إن من المتوقع أيضا أن يعرض الحلف على موسكو استئناف الحوار في مجلس حلف شمال الأطلسي وروسيا الذي لم يجتمع منذ 2014 حول تحسين الشفافية العسكرية لتجنب الأحداث المفاجئة ووقائع سوء الفهم.

وتخطط الولايات المتحدة لزيادة الإنفاق العسكري في أوروبا أربعة أمثال ليصل إلى 3.4 مليار دولار في 2017. ويعد ذلك أمرا أساسيا للاستراتيجية التي تشكلت ردا على قيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في 2014.

ويرحب الحلف بالخطط الأمريكية ويقول أمينه العام ينس ستولتنبرج إن ذلك سيعني “المزيد من القوات في الجزء الشرقي من الحلف… النشر المسبق للعتاد والدبابات والعربات المدرعة… المزيد من المناورات والمزيد من الاستثمار في البنية الأساسية.”

وستعزز مثل هذه الخطوات الرسالة التي تضمنها خطاب للرئيس الأمريكي باراك أوباما في إستونيا في 2014 وهي أن حلف شمال الأطلسي سيساعد في ضمان استقلال دول البلطيق الثلاث التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي السابق لعقود.

وكان وزير دفاع ليتوانيا يوزوس أوليكاس قد وصف روسيا بأنها تهديد في تصريحات أدلى بها لرويترز في يونيو لكن كثيرا من الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي تخشى إغضاب روسيا أكبر مورد للطاقة للقارة.

وفي وجود هذه المخاوف يقول دبلوماسيون ومسؤولون إن الحلف لن يؤيد طلبات بولندا -التي يوجد بينها وبين روسيا تاريخ من العلاقات المضطربة- بإقامة قواعد دائمة.

وقالت وزيرة دفاع هولندا جانين هنيس-بلاشيرت لرويترز “أنا مؤيدة بشدة لروادع قوية ولتحسين مرونتنا لكنني أعتقد أن أفضل طريقة لفعل ذلك هي فعله على أساس دوري.”

وقال ستولتنبرج أيضا إنه “لن ينجر إلى سباق تسلح.”

وأوضحت روسيا أنها ستعتبر أي خطوات لوضع بنية أساسية لحلف شمال الأطلسي قرب حدودها تهديدا وحذر الكرملين من أنه سيتخذ “خطوات مماثلة” للرد على ذلك.

وتدهورت علاقات القوى الغربية مع روسيا خلال الصراع الأوكراني الذي اقترب من إتمام العامين لكن الغرب يحتاج إلى روسيا في نفس الوقت للمساعدة في مواجهة الإرهاب والمعركة ضد تنظيم الدولة (داعش) في سوريا والعراق.

* مستمر لكن غير دائم

تقول واشنطن إنه إذا وافق الكونجرس سيتم تخزين عربات وعتاد لوحدة قتالية في ألمانيا وفي الشرق من بلغاريا إلى استونيا.

ويعتبر نقل عتاد إلى مسافة أقرب من جبهة محتملة ضروريا حتى يتسنى التصدي بسرعة لبطاريات الصواريخ الروسية أرض جو والصواريخ المضادة للسفن في كاليننجراد التي يمكنها منع القوات من الدخول أو التحرك عبر الجو والبر والبحر.

وأظهرت دراسة أجرتها مؤسسة راند كوربوريشن للأبحاث العسكرية أن روسيا يمكن أن تجتاح دول البلطيق الثلاث لاتفيا وإستونيا وليتوانيا في ثلاثة أيام وأن حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة لن تكون أمامهما خيارات جيدة للرد.

وفي حين يتجنب جنرالات حلف شمال الأطلسي العودة إلى الحرب الباردة التي شهدت وجود 300 ألف جندي أمريكي في أوروبا فإنهم يصفون هذا بأنه وجود “مستمر” لكن “غير دائم” ويريدون الالتزام باتفاق 1997 مع موسكو الذي يقضي بعدم نشر قوات مقاتلة كبيرة الحجم على حدود روسيا والحلف.

ويقول بعض الدبلوماسيين إن خطط حلف شمال الأطلسي تعيد إلى الأذهان دعم الحلف لبرلين الغربية في الخمسينات عندما ضمنت قوات من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ألا يكون بإمكان الاتحاد السوفيتي السيطرة على كل برلين لكن في هذه المرة ستكون هناك دول كثيرة تتناوب الانتشار العسكري.

وقال دبلوماسي في الحلف “سوف تكون هناك وحدات عسكرية صغيرة في الشرق كوجود رمزي. هذا يعني أنك لا تهاجم استونيا وحسب وإنما بريطانيا أو فرنسا أو الولايات المتحدة.”

ويقضي ميثاق الحلف بأن العدوان على دولة عضو فيه هو عدوان على جميع الدول الأعضاء بما يعني أنه سيكون على 28 دولة أن ترد في حالة أي اعتداء روسي محتمل.

وأمام الخطة وقت طويل حتى يتم استكمال تفاصيلها. وسوف يسعى وزراء الدفاع في اجتماعهم في بروكسل الأسبوع المقبل إلى اتفاق سياسي بين كل الدول الأعضاء قبل وضع الاستراتيجية. (رويترز)

In this article